ننتظر تسجيلك هـنـا

 

 

{ مُنتديآتَ حسآسَ ) ~
 
..{ ::: فعالِياتَ منتدياتَ حساسَ:::..}~
 
 


قُطوْف دِينيَه ▪● كل ماَيخص ديننّآ ألحنيَف .. تلآوه , تفسير , أحكآم / آلقرآنْ الڪَرِيمْ .. والتجويد

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 06-05-2020, 08:12 PM   #1
[IMG]https://mrkzgulfup.com/uploads/160850842632851.gif[/IMG]


الصورة الرمزية ميروَ ،
ميروَ ، غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1334
 تاريخ التسجيل :  Apr 2020
 أخر زيارة : ()
 المشاركات : 22,679 [ + ]
 التقييم :  18310
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Crimson
افتراضي الدنيا ليست بشيء




الحَمْدُ للهِ تَفَرَّدَ بِالْعِزَّةِ وَالْمُلْكِ والْجَلَالِ؛ فَلَهُ الْحَمْدُ بُكْرَةً وَعَشِيًّا وَفِي الْغُدُوِّ وَالآصَالِ، وَأُثْنِي عَلَيهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ بِلِسَانِ الحَالِ وَأَشْهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَهُو الْكَبِيرُ المُتَعَالُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ وَكَرِيمُ الخِصَالِ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ خَيرِ صَحْبٍ وآلٍ، والتَّابِعِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.
أَمَّا بَعْدُ:
فَأُوصِيكُمْ - أَيُّها النَّاسُ- وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ -، فَاتَّقُوا اللهَ - رَحِمَكُمُ اللهُ -، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحديد: 28].



أَيُّهَا النَّاسُ:
بَيْنَمَا رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسِيرُ بِأَحَدِ أَسْوَاقِ الْمَدِينَةِ، وَالنَّاسُ حَوْلَهُ، إِذْ مَرَّ بِجَدْيٍ أَسَكَّ مَيِّتٍ، - أي سَخْلَةٍ صَغِيرَةٍ -، فَتَنَاوَلَهُ فَأَخَذَ بِأُذُنِهِ، ثُمَّ قَالَ: «أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنَّ هَذَا لَهُ بِدِرْهَمٍ؟» فَقَالُوا: مَا نُحِبُّ أَنَّهُ لَنَا بِشَيْءٍ، وَمَا نَصْنَعُ بِهِ؟ قَالَ: «أَتُحِبُّونَ أَنَّهُ لَكُمْ؟» قَالُوا: وَاللهِ لَوْ كَانَ حَيًّا، كَانَ عَيْبًا فِيهِ، لِأَنَّهُ أَسَكُّ - أي مقطوعُ الأُذُنِ - فَكَيْفَ وَهُوَ مَيِّتٌ؟ فَقَالَ: «فَوَ اللهِ لَدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللهِ، مِنْ هَذَا عَلَيْكُمْ».



عِبَادَ اللهِ:
بَيَّنَ لَنَا اللهُ - جَلَّ جَلَالُه ُ- حَقِيقَةَ الدُّنْيَا، وَهُوَ سُبْحَانَهُ الَّذِي خَلَقَ الدُّنْيَا، العَالِمُ بِهَا الخَبِيرُ بِصِفَاتِهَا -جَلَّ جَلَالُهُ-.



هَذِهِ الدُّنْيَا الَّتِي تَعَلَّقَتْ بِهَا نُفُوسُنَا وَلَمْ يَسْلَمْ مِنْهَا إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللهُ، مَا حَقِيقَتُها؟ وَمَا مِقْدَارُهَا؟
اسمعوا ماذا يَقُولُ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ - عنها: ﴿ اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُو ﴾ [الحديد: 20].



أَيُّهَا الْإِخْوَةُ المُؤمِنُونَ:
إِنَّ هَذِهِ الآيَةَ العَظِيمَةَ دَلَّتْ عَلَى أَنَّ الدُّنْيَا زَائِلَةٌ مَهْمَا طَالَتْ، وَأَنَّ الآخِرَةَ بَاقِيَةٌ، فَلَا مُقَارَنَةَ بَيْنَ مَحْدُودٍ مُنْتَهٍ وَبَيْنَ بَاقٍ لَا نِهَايَةَ لَهُ، فَكَمْ يَعِيشُ الْإِنْسَانُ؟ وَكَمْ مُدَّةُ بَقَائِهِ فِي هَذِهِ الحِيَاةِ؟ وَصَدَقَ اللهُ: ﴿ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ ﴾ [التوبة: 38].



عِبَادَ اللهِ:
إِنَّ أَكْثَرَ الْقُرْآنِ مُشْتَمِلٌ عَلَى ذَمِّ الدُّنْيَا وَصَرْفِ الْخَلْقِ عَنْهَا، وَدَعْوَتِهِمْ إِلَى الآخِرَةِ، بَلْ هُوَ مَقْصُودُ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيهِمُ الصَّلَاةُ والسَّلَامُ -، وَحَيثُ لَمْ يُبْعَثُوا إلَّا لِذَلِكَ.



قَالَ ابنُ القَيِّمِ: وَالْقُرْآنُ مَمْلُوءٌ مِنَ التَّزْهِيدِ فِي الدُّنْيَا، وَالْإِخْبَارِ بِخِسَّتِهَا، وَقِلَّتِهَا وَانْقِطَاعِهَا، وَسُرْعَةِ فَنَائِهَا.



أَيُّهَا المُسْلِمُونَ:
أَخْبَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ الدُّنْيَا لَوْ سَاوَتْ عِنْدَ اللهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ، مَا سَقَى كَافِرًا مِنْهَا شَرْبَةَ مَاءٍ.



وَأَخْبَرَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ مِثْلهَا فِي الْآخِرَةِ، كَمَثَلِ مَا يَعْلَقُ بِأُصْبُعِ مَنْ أَدْخَلَ أُصْبُعَهُ فِي البَحْرِ.



وَأَخْبَرَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهَا سِجْنُ المُؤمِنِ وَجَنَّةُ الكَافِرِ. وَأَمَرَ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- العَبْدَ أَنْ يَكُونَ فِيهَا كَأَنَّهُ غَرِيبٌ أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ.



وَأَخْبَرَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ، وَأَنَّهَا تَأْخُذُ العُيُونَ بِخُضْرَتِهَا وَالقُلُوبَ بِحَلَاوَتِهَا.



وَأَخْبَرَ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ لَيسَ لِأَحَدٍ مِنْ هَذِهِ الدُّنْيَا، سِوَى بَيْتٍ يَسْكُنُهُ، وَثَوبٍ يَلْبَسُهُ، وَقُوتٍ يُقِيمُ صُلْبَهُ.



وَأَخْبَرَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ يَتْبَعُ المَيِّتَ أَهْلُهُ وَمَالُهُ وَعَمَلُهُ، فَيَرْجِعُ أَهْلُهُ وَمَالُهُ، وَيَبْقَى عَمَلُهُ.



وَأَخْبَرَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ لَيسَ لِابْنِ آدَمَ مِنْ مَالِهِ إِلَّا مَا أَكَلَ فَأَفْنَى أَوْ لَبِسَ فَأَبْلَى، أَوْ تَصَدَّقَ فَأَمْضَى.



وَأَخْبَرَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ مَنْ كَانَتِ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّهِ، جَعَلَ اللهُ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيهِ، وَشَتَّتَ عَلَيهِ شَمْلَهُ، وَلَمْ يَأْتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا مَا كُتِبَ لَهُ.



هَلْ رَأَيتُمْ - يَا عِبَادَ اللهِ - ثَرِيًّا لَمَّا حُمِلَ إِلَى قَبْرِهِ، قَامَ عُمَّالُهُ بِحَمْلِ أَمْوَالِهِ فَوْقَ ظُهُورِهِمْ يَسِيرُونَ خَلْفَ الْجَنَازَةِ، فَلَمَّا وَصَلَوا إِلَى الْقَبْرِ، وَضَعُوهَا بِجَانِبِهِ؟!



هَلْ رَأَيتُمْ عَالِمًا كَبِيرًا، أَوْ مَسْؤولًاً رَفِيعًا، لَمَّا مَاتَ قَامَ ذَوُوهُ بِإِنْزَالِ الشَّهَادَاتِ وَالْأَوسِمَةِ وَالدُّرُوعِ، وَأَسْنَدُوهَا بِجَانِبِ جُثْمَانِهِ؟



لَا واللهِ، فَإِنَّ المَيِّتَ إِذَا مَاتَ، مَهْمَا كَانَ قَدْرُهُ عِنْدَ النَّاسِ، مَلِكُا أَوْ ثَرِيًّا أَوْ عَالِمًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ فَقِيرًا، فَإِنَّ كُلَّ هَؤلَاءِ، يُلَفُّ عَلَيهِمْ خِرْقَةً بَيْضَاءَ. مُجَرَّدَةً مِنْ كُلِّ زِينَةٍ. ثُمَّ يَضَعُونَهُ فِي قَبْرٍ مُوَاصَفَاتهِ وَاحِدَةٌ، تُرَابٌ فِي تُرَابٍ.



يَا الله...! هَلْ تَسْتَحِقُّ هَذِهِ الدُّنْيَا كُلَّ هَذَا اللَّهْثِ؟ وَالنِّهَايَةُ تِلْكَ؟
نَعَمْ، نَحْتَاجُ أَنْ نُفَكِّرَ قَلِيلًا، وَنَتَأَمَّلَ الدُّنْيَا عَلَى حَقِيقَتِهَا.



هَلْ تَسْتَحِقُّ الدُّنْيَا أَنْ يَتَقَاتَلَ النَّاسُ بَعْضهُمْ البَعْضَ، أَوْ يَكْرَهَ أَوْ يَهْجُرَ أَوْ يَظْلِمَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا؟!
إِنَّ حَقِيقَةَ الدُّنْيَا أَنَّهَا نَعِيمٌ زَائِلٌ، وَوَقْتٌ قَصِيرٌ سَيَمْضِي، فاسْألُوا مَنْ عَاشَ ثَمَانِينَ أَوْ مائةَ سَنَةً، مَاذَا وَجَدَ فِيْهَا؟



انْظُرْ إِلَى نَفْسِكَ أَنْتَ، تَأَمَّلْهَا جَيِّدًا! كَمْ عُمُرُكَ الْآنَ! تَذَكَّرْ قَبْلَ نَحْوِ ثَلَاثِينَ أَوْ أَرْبَعِينَ أَوْ رُبَّمَا خَمْسِينَ سَنَةً، كَيفَ كَانَتْ حَيَوِيَّتُكَ، وَنَضَارَتُكَ، وَقُوَّةُ جِسْمِكَ، ثُمَّ انْظُرْ إِلَيهَا الْآنَ.



انْظُرْ إِلَى مَنْ يَكْبُرُكَ سِنًّا، وَقَدْ عَرَفْتَهُ قَبْلُ قَوِيًّا نَشِيطًا يَافِعًا، كَيفَ هُوَ الْآنَ وَقَدْ هَدَّهُ الْمَرَضُ وَرَقَّ مِنْهُ العَظْمُ، وَضَعُفَ بِهِ الْحَالُ؟!



تِلْكَ هِيَ الدُّنْيَا يَا عِبَادَ اللهِ.
يَعْرِفُ قَدْرَ الدُّنْيَا مَنْ جَعَلَهَا مَزْرَعَةً لِلْآخِرَةِ، مَنْ جَعَلَهَا شَجَرَةً يَسْتَظِلُّ بِهَا سَاعَةً ثُمَّ يَمْضِي فِي طَرِيقِهِ.
عَرَفَ قَدْرَ الدُّنْيَا مَنْ فَضَّلَ تَفْوِيتَ فُرْصَةً تِجَارِيَّةً سَانِحَةً سَتَعُودُ عَلَيهِ بِالْمَالِ الوَفِيرِ، لَمَّا عَلِمَ أَنَّهَا سَتُعِيقُ سَيرَهُ إِلَى اللهِ بِسَبَبِ رَائِحَةِ مَالٍ حَرَامٍ.



عَرَفَ قَدْرَ الدُّنْيَا مَنْ هَجَرَ لَذَّةَ النَّومِ وَمُتْعَتَهُ، لِيَنْطَلِقَ لِإِجَابَةِ نِدَاءِ رَبِّهِ فِي صَلَاةِ الفَجْرِ.
عَرَفَ قَدْرَ الآخِرَةِ مَنْ مَنَعَ نَفْسَهُ أَنْ تَقَعَ عَينُهُ أَوْ تَسْمَعَ أُذُنُهُ مَا يُغْضِبُ رَبَّهُ وَمَوْلَاهُ.
عَرَفَ قَدْرَ الآخِرَةِ مَنْ أَمْسَكَ لِسَانَهُ عَنِ الْحَدِيثِ عَنْ فُلَانٍ أَوْ فُلَانَةٍ.



عَرَفَ حَقِيقَةَ الدُّنْيَا مَنْ من أدرك أنها لم تدم لملك ولا لغني ولا لصاحب جاه أو سلطان، وهو يراهم يتساقطون بالرغم من العناية الطبية الفائقة.



عَرَفَ حَقِيقَةَ الدُّنْيَا مَنْ يَرَى مَصَارِعَ القَوْمِ وَهُمْ يُغَادِرُونَ الحَيَاةَ، وَهُمْ يُوَدِّعُونَ الدُّنْيَا، إِمَّا فِي قِمَّةِ نَشَاطِهِمْ أَوْ فِي قُوَّةِ شَبَابِهِمْ أَوْ فِي غِناَهمُ الْفَاحِشِ، وَمَعَ ذَلِكَ خَرَجُوا مِنْهَا، وَهُمْ لَمْ يَسْتَعِدُّوا لِلِقَاءِ اللهِ بَعْدُ.



عَرَفَ قَدْرَ الدُّنْيَا مَنْ يَرَى حَبَائِلَ الشَّيطَانِ تُنْصَبُ لَهُ أَيْنَمَا اتَّجَهَ، فِي قِنَاةٍ تِلْفَازِيَّةٍ، فِي مَقْطَعٍ فَاضِحٍ بِجَوَّالِهِ، وَمَعَ هَذَا يَرْكُلُهَا بِرِجْلِهِ وَيُحَطِّمُهَا بِيَدِهِ وَهُوَ ثَابِتٌ وَمُسْتَعِدٌّ لِلِقَاءِ اللهِ. وَيَقُولُ لَا شَيءَ يَرُدُّنِي عَنْ طَرِيقِ الْجَنَّةِ.



عَرَفَ حَقِيقَةَ الدُّنْيَا مَنْ أَدْرَكَ أَنَّ اللهَ – تَعَالَى - وَعَدَ -وَهُوَ أَصْدَقُ الْقَائِلِينَ، وَهُوَ أَكْرَمُ الْأَكْرَمِينَ- أَنَّهُ أَعَدَّ فِي جَنَّتِهِ وَمُسْتَقَرِّ رَحْمَتِهِ، مِنْ أَنْواَعِ النَّعِيمِ وَالْمُتَعِ وَاللَّذَائِذِ، مَا لَا يُمْكِنُ وَصْفُهُ وَلَا حَصْرُهُ وَلَا عَدُّهُ. فَكَيفَ - يَا عِبَادَ اللهِ - مَنْ يُفَرِّطُ فِي هَذِهِ الوُعُودِ مِنْ أَجْلِ شَهْوَةٍ عَابِرَةٍ أَوْ لَذَّةٍ حَاضِرَةٍ؟!



إِنَّ هَذِهِ الدُّنْيَا -أَيُّهَا الْإِخْوَةُ- مَا هِيَ إِلَّا مَحَطَّةٌ فِي طَرِيقٍ، وَمَمَرٌّ إِلَى مُسْتَقَرٍّ، فَقَدْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: نَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى حَصِيرٍ فَقَامَ وَقَدْ أَثَّرَ فِي جَنْبِهِ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوِ اتَّخَذْنَا لَكَ وِطَاءً، فَقَالَ: «مَا لِي وَلِلدُّنْيَا، مَا أَنَا فِي الدُّنْيَا إِلَّا كَرَاكِبٍ اسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا».



أَيُّهَا الْعُقَلَاءُ:
مَاذَا تُسَاوِي الدُّنْيَا بِالنِّسْبَةِ لِأَقَلِّ نَعِيمٍ فِي الْجَنَّةِ؟
قَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: «لَقَابُ قَوْسِ أَحَدِكُمْ، أَوْ مَوْضِعُ قَدَمٍ مِنَ الجَنَّةِ، خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ نِسَاءِ أَهْلِ الجَنَّةِ اطَّلَعَتْ إِلَى الأَرْضِ لَأَضَاءَتْ مَا بَيْنَهُمَا، وَلَمَلَأَتْ مَا بَيْنَهُمَا رِيحًا، وَلَنَصِيفُهَا على رأسها - يَعْنِي الخِمَارَ - خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا».



خَيرُ الكَلَامِ -أَيُّهَا الْمُؤمِنُونَ- كَلَامُ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ-: ﴿ فَأَمَّا مَنْ طَغَى * وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى * وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ﴾ [النازعات: 37 - 41].



بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ...




خُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ للهِ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ؛ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللهِ شَهِيدًا. وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا مَزِيدًا.. أَمَّا بَعْدُ:

وَهَنَا نُرِيدُ أَنْ نُنَبِّهَ عَلَى أَمْرٍ مُهِمٍّ قَدْ غَفَلَ عَنْهُ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، وَهُوَ مَا يَفْهَمُهُ الْبَعْضُ مِنَ الآيَاتِ الْقُرْآنِيَّةِ وَالْأَحَادِيثِ النَّبَوِيَّةِ، وَمَا وَرَدَ عَنِ السَّلَفِ مِنْ ذَمٍّ لِلدُّنْيَا وَالتَّزْهِيدِ فِيهَا، وَالْإِعْرَاضِ عَنْهَا، بِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ ذَلِكَ هُوَ تَرْكُ الدُّنْيَا وَالسَّعِي فِيهَا، وَالْإِعْرَاضُ الْكُلِّيِّ عَنْهَا، وَالتَّزْهِيدُ بِكُلِّ مَا فِيهَا.



وَهَذَا الفَهْمُ غَيرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ مُطَالَبٌ شَرْعًاً بِالاسْتِخْلَافِ فِي الْأَرْضِ وَعِمَارَتِهَا، وَالسَّعْي فِيهَا بِكُلِّ مَا يَنْفَعُ الْأُمَّةَ وَيَخْدِمُهَا، وَيَخْدمُ البَشَرِيَّةَ قَاطِبَةً فِي سَائِرِ المَجَالَاتِ الْعِلْمِيَّةِ وَالصِّنَاعِيَّةِ النَّافِعَةِ.



فَالْمَقْصُودُ أَنْ تُجْعَلَ الدُّنْيَا مَزْرَعَةً تُحْصَدُ ثِمَارُهَا فِي الآخِرَةِ، يَصْرِفُ الدُّنْيَا فِي طَاعَةِ اللهِ – تَعَالَى، وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ، وَعِمَارَتِهَا حَسْبَ ما أَمَرَ الْحَقُّ - تَبَارَكَ وَتَعَالَى - مِنَ الاسْتِخْلَافِ فِيهَا، بِمَا يَنْفَعُ الدِّينَ وَالدُّنْيَا.



وَهَذَا الْفَهْمُ الْقَاصِرُ - لِلْأَسَفِ الشَّدِيدِ - أَنَّ الدُّنْيَا لَيْسَتْ مِنْ نَصِيبِ الْمُؤمِنِ بَلْ هِيَ مِنْ نَصِيبِ الْكَافِرِ، وَهِيَ دَارٌ لَهُ، وَلَيْسَتْ دَارًا لِلْمُسْلِمِ، لَعَلَّهُ مِنَ الْأَسْبَابِ الَّتِي أَدَّتْ إِلَى تَرَاجُعِ الْمُسْلِمِينَ، فِي سَائِرِ الْمَيَادِين الْيَوْمَ، وَفِي شَتَّى الْعُلُومِ، وَمَا أَجْمَلَ أَنْ يَجْتَمِعَ فِي الْمُسْلِمِ الدِّينُ والدُّنْيَا، فَيَكُونُ ذَاتَ دِينٍ وَخُلُقٍ، وَصَاحِبَ مَالٍ يَسْتَعْمِلُهُ وَفْقَ مُرَادِ رَبِّهِ وَخَالِقِهِ، فَهَذَا أَمْرٌ مَطْلُوبٌ مَرْغُوبٌ فِيهِ، مَنْدُوبٌ إِلَيهِ، وَبِذَلِكَ وَرَدَتِ الْآيَاتُ الْقُرْآنِيَّةِ، وَالْأَحاَدِيثُ النَّبَوِيَّةُ.


 
 توقيع : ميروَ ،



’ـ

لا إله إلأا الله


رد مع اقتباس
قديم 06-06-2020, 03:19 PM   #2
[IMG]https://www.raed.net/img?id=729145[/IMG]


الصورة الرمزية نـَغمَـة سَـاهِـيـه
نـَغمَـة سَـاهِـيـه غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1143
 تاريخ التسجيل :  Jul 2018
 أخر زيارة : ()
 المشاركات : 160,687 [ + ]
 التقييم :  152333
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Aliceblue
افتراضي



أسأل الله تعالى أن ويوفقنا وإياكم لطاعته
/
جزاك الله الف خيــر على الطرح الطيب
وجعله بميزان حسناتك


 
 توقيع : نـَغمَـة سَـاهِـيـه




وسَط الحشِى لكٌمِ دعوآت هلَل وكَبر..
لو تُدور الليالِي والِسنين ماتِزعزع َلو تِزعَزع جِبالٍ راسِيات


ياحُلوَ الحياه عندمآ أهدتني صُحبتكُمَ ، أدآمكُم الله


رد مع اقتباس
قديم 06-09-2020, 11:39 PM   #3
[IMG]https://www.raed.net/img?id=206030[/IMG]


الصورة الرمزية صقر الجزيره
صقر الجزيره غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 18
 تاريخ التسجيل :  Apr 2010
 أخر زيارة : ()
 المشاركات : 46,656 [ + ]
 التقييم :  39333
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : فارغ
افتراضي



جزاكي الله كل خير
تقبلي مروري المتواضع ولكي اصدق
احتراااااماتي

اا


 
 توقيع : صقر الجزيره



رد مع اقتباس
قديم 06-17-2020, 10:20 PM   #4
[IMG]https://www.raed.net/img?id=688191[/IMG]


الصورة الرمزية شغف
شغف غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1347
 تاريخ التسجيل :  May 2020
 أخر زيارة : ()
 المشاركات : 50,074 [ + ]
 التقييم :  37506
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Green
افتراضي



جزاك الله خير
وبارك فيك


 
 توقيع : شغف



رد مع اقتباس
قديم 06-18-2020, 05:00 PM   #5
[img]https://mrkzgulfup.com/uploads/158899539993223.gif[/img]


الصورة الرمزية الكحيله
الكحيله غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1017
 تاريخ التسجيل :  Nov 2017
 أخر زيارة : ()
 المشاركات : 2,695 [ + ]
 التقييم :  3867
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : فارغ
افتراضي



أسأل الله أن ينفع بطرحك
وأن يستفيد منه الجميع
جزاك الله خير حبيبتي


 
 توقيع : الكحيله




رد مع اقتباس
قديم 06-19-2020, 06:27 AM   #6
[IMG]https://mrkzgulfup.com/uploads/160850842632851.gif[/IMG]


الصورة الرمزية ميروَ ،
ميروَ ، غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1334
 تاريخ التسجيل :  Apr 2020
 أخر زيارة : ()
 المشاركات : 22,679 [ + ]
 التقييم :  18310
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Crimson
افتراضي



منوريني ،


...


 
 توقيع : ميروَ ،



’ـ

لا إله إلأا الله


رد مع اقتباس
إضافة رد

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:37 AM



 »:: تطويرالكثيري نت :: إستضافة :: تصميم :: دعم فني ::»

Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.