| |
|
كلمة إدارة السوآر |
|
كُلنآ فِدآك يارسُول الله ▪● وَقفآتْ ‘ حَول سِيرهُ رَسولْ الله .. |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||||||
|
|||||||
اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي
عن أنس رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا يتمنين أحدكم الموت لضرر أصابه ، فإن كان لا بد فاعلا ، فليقل : اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي ، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي » متفق عليه . هذا نهي عن تمني الموت للضر الذي ينزل بالعبد ، من مرض أو فقر أو خوف ، أو وقوع في شدة ومهلكة ، أو نحوها من الأشياء ، فإن في تمني الموت لذلك مفاسد . منها : أنه يؤذن بالتسخط والتضجر من الحالة التي أصيب بها ، وهو مأمور بالصبر والقيام بوظيفته . ومعلوم أن تمني الموت ينافي ذلك . ومنها : أنه يضعف النفس ، ويحدث الخور والكسل ، ويوقع في اليأس . والمطلوب من العبد مقاومة هذه الأمور ، والسعي في إضعافها وتخفيفها بحسب اقتداره ، وأن يكون معه من قوة القلب وقوة الطمع في زوال ما نزل به . وذلك موجب لأمرين : - اللطف الإلهي لمن أتى بالأسباب المأمور بها ، - والسعي النافع الذي يوجبه قوة القلب ورجاؤه . ومنها : أن تمني الموت جهل وحمق ، فإنه لا يدري ما يكون بعد الموت ، فربما كان كالمستجير من الضر إلى ما هو أفظع منه ، من عذاب البرزخ وأهواله . ومنها : أن الموت يقطع على العبد الأعمال الصالحة التي هو بصدد فعلها والقيام بها ، وبقية عمر المؤمن لا قيمة له ، فكيف يتمنى انقطاع عمل الذرة منه خير من الدنيا وما عليها . وأخص من هذا العموم : قيامه بالصبر على الضر الذي أصابه ، فإن الله يوفي الصابرين أجرهم بغير حساب . ولهذا قال في آخر الحديث : « فإن كان لا بد فاعلا فليقل : اللهم أحيني إذا كانت الحياة خيرا لي ، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي » فيجعل العبد الأمر مفوضا إلى ربه الذي يعلم ما فيه الخير والصلاح له ، الذي يعلم من مصالح عبده ما لا يعلم العبد ، ويريد له من الخير ما لا يريده ، ويلطف به في بلائه كما يلطف به في نعمائه . والفرق بين هذا وبين قوله صلى الله عليه وسلم : « لا يقل أحدكم : اللهم اغفر لي إن شئت ، اللهم ارحمني إن شئت ، ولكن ليعزم المسألة ; فإن الله لا مكره له » حديث صحيح أن المذكور في الحديث الذي فيه التعليق بعلم الله وإرادته ، هو في الأمور المعينة التي لا يدري العبد من عاقبتها ومصلحتها . وأما المذكور في الحديث الآخر : فهي الأمور التي يعلم مصلحتها بل ضرورتها وحاجة كل عبد إليها ، وهي مغفرة الله ورحمته ونحوها . فإن العبد يسألها ويطلبها من ربه طلبا جازما ، لا معلق بالمشيئة وغيرها . لأنه مأمور ومحتم عليه السعي فيها ، وفي جميع ما يتوسل به إليها . وهذا كالفرق بين فعل الواجبات والمستحبات الثابت الأمر بها ; فإن العبد يؤمر بفعلها أمر إيجاب أو استحباب ، وبعض الأمور المعينة التي لا يدري العبد من حقيقتها ومصلحتها ، فإنه يتوقف حتى يتضح له الأمر فيها . واستثنى كثير من أهل العلم من هذا ، جواز تمني الموت خوفا من الفتنة ، وجعلوا من هذا قول مريم رضي الله عنها : { يَالَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا } [ مريم : 23 ] . كما استثنى بعضهم تمني الموت شوقا إلى الله . وجعلوا منه قول يوسف صلى الله عليه وسلم : { أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ } [ يوسف : 101 ] . وفي هذا نظر ; فإن يوسف لم يتمن الموت ، وإنما سأل الله الثبات على الإسلام ، حتى يتوفاه مسلما ، كما يسأل العبد ربه حسن الخاتمة . . والله أعلم بهجة قلوب الأبرار للعلامة السعدي رحمه الله
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
|
|