وهذا بحث عن لهجة بلغازي هل هي عربية فصحى ام لا؟؟؟
**********
يعتقد الجميع منا أن اللهجة التي نتحدث بها يوميا هي لهجة محرجة لذلك يلجأ البعض إلى محاكاة لهجات أخرى للهروب من هذا الإحراج.
إذا من أين أتت لهجتنا ؟
هل هي حميرية كما يقال ؟
وإذا كانت كذلك فما هي الحميرية وما علاقتها بالعربية الفصحى؟
لنجب بإختصار.
إذا أخذنا لهجة التلتلة وذلك في قضاعة وهي كسر الفعل المضارع مثل تِكتبون
وإذا أخذنا ما يسمى في قبيلة كلب بالوهم وهو كسر الهاء في ضمير الغائبين مثل منهِم
وإذا أخذنا ما أشتهرت به حمير وعرف بما يسمى بالطمطمانية وهي ابدال لام التعريف ميما مثل امصوم
ونأخذ أيضا ما يسمى بالشنشنة في بعض قبائل حمير وهي إبدال الكاف شينا وليست بالأصح شينا خالصة بل تنطق كما ينطق أهل الشام كلمة كلب مثلا
وهم بذالك يلتقون مع أصحاب الكشكشة في بعض الأوجه
وهذه هي أبرز الإختلافات بين لهجة عرب الشمال وعرب الجنوب ومع نظرنا للواقع وبعض الألفاظ في اللهجة المحلية لدينا يتبين أن لهجتنا هي عبارة عن لهجة عربية ملمة بلهجة الجنوبيين والشماليين أي فصحى بالخط العريض.
قد يقول البعض بالغة
ـ المحجا /الملجأ قاموس المحيط الطبعة الملونة
ـ درن /مدريء /أنزلت اللبن المحيط
- داوه/ إداوة من أدم المحيط
- اللبا / اللباء أول اللبن المحيط
ـ نام/ النمأ صغار القمل المحيط
- سعابيب / السعابيب اللعاب المحيط
- امشخب / الشخب ما ينزل من الضرع من اللبن المحيط
هذه كلمات أخترتها مما يقرب من 400 كلمة وجدتها في بحث في 127 صفحة فقط من قاموس المحيط والذي يتألف من 1675 صفحة فكيف لو بحثت في جميع صفحاته او بحثت في القواميس الأخرى
قد يقول البعض بحثنا فوجدنا إختلافا كبيرا في القواميس لذلك يجب الإطلاع على معجم مقاييس اللغة لإبن فارس و الأشتقاق الأكبر لإبن جني وبعدها قل إن لهجتنا ليست عربية حينها أقول لك بأنك لم تفهم ما قرأت وقد لا ألومك لأن العرب يستخدمون ما يسمى بالإستعارة ويستخدمون المجاز والكناية لذلك قد يسمون شيئا بأسم شيء آخر لصفة مشتركة بين الشيئين.
اما اللهجة الحميرية فهي تختلف فقط عن الشمالية أو عن اللغة التي سادت وهي لغة قريش التي نزل بها القرآن في بعض التراكيب وبعض طرق النطق فقط ولا تختلف إختلافا جذريا كما يظن البعض.
وهنا المزيد من الأمثلة والكلمات الدارجة في لهجتنا وأصولها العربية:
1ـ الخبت / المتسع من بطون الأرض -- قاموس المحيط الطبعة الرابعة الملونة -- فصل الخاء على حرف التاء صفحة 193
إذا الخبت فصيحة مستخدمة في لهجتنا
يقول الشاعر الجاهلي بشر بن أبي عوانة العبدي
أفاطم لو شهدت ببطن خبت = وقد لاقى الهزبر أخاك بشرا
ويقول الشاعر / يحيى قاسم الغزواني
في مقطع من قصيدة
( ومعوه جنودن ريتها في الخبت مرسية )
كما ورد في بيت بشر ما يسمى الترخيم حيث قال يا (فاطم ) والأصل يا (فاطمة ) وهذا يسمى الترخيم
يقول ابن مالك في ألفيته النحوية المشهورة
ترخيما احذف آخر المنادى = كيا سعا , فيمن دعا سعادا
اي احذف أخر المنادى مثل يا (سعاد ) تصبح يا (سعا) والترخيم موجود في لهجتنا بكثرة وليس عيبا بل هو من فصيح اللغة
2ـ عراجل عندنا تعني مجموعة من الفتيان والذين في الغالب يسيرون على الأقدام متنقلين لهدف أو بدون هدف ومفردها عرجولين عندنا ونقول ( عرجولي مفرد وعراجل جمع وكذلك عرجلة جمع والفعل منها يتعرجل )تعالوا ننظر أصل الكلمة
العرجلة القطعة من الخيل , وجماعة المشاة , والمعز
والعرجول الجماعة
قاموس المحيط / الطبعة الرابعة الملونة /باب اللام فصل العين / الصفحة 1332
وانشد ابن السكيت في الألفاظ ص30 لحاتم الطائي
عراجلة شعث الرؤؤس كأنهم = بنو الجن لم تطبخ بقدر جزورها
عراجلة / جماعة من الرجال يسيرون على أرجلهم
راجع حاشية محمد محيي الدين عبدالحميد على شرح ابن عقيل الجزء الثالث ص270
وهنا لمحة تاريخية لبعض العادات والتقاليد التي كانت منتشرة في بلغازي
العادات والتقاليد
* الزواج:
تعرفون ان بلغازي من قبائل البدو لذلك كان الزواج يتم عن طريق التعارف المسبق حيث كان الناس في الماضي وللظروف الحياة الصعبة يتقابلون في اماكن الرعي والماء والأسواق ولم يكن الحجاب متقيدا به لعله للجهل المفرط بتعاليم الدين واكبر دليل على ذلك انتشار البدع والخرافات ومن ناحية الزواج فقد كان الشبان يواعدون الفتيات ويسرون إليهن ليلا بما يعرف في عرفهم (بالضهو) ومن خلال هذه المقابلات والسريات يتم الأتفاق على الزواج وكانت الفتات اذا اعطت رجلا كلمة وعرف الأخرون ذلك فإنهم ينظرون إلى تلك الفتاة على انها اصبحت خارج نطاق ما يعرف في عرفهم (التعيشق) ، فلا يفاتحونها بالزواج لأنهم يقولون انها في هرجة فلان اي في كلمته
وبعد الأتفاق على الزواج يحضر العريس احد اقاربه مثل ابيه او عمه ويطلبون يد الفتاة من وليها وقد تحصل الموافقة وقد يحصل التعقيد لكن الموافقة هي الاكثر ورودا لعلم الولي ان اتفاقا قد تم عقده وبعد الموافقة يحدد المهر الذي كان في الماضي لا يتجاوز الاربعين ريال من عملتهم التي تسمى( الفرانسه) وهي كانت تساوي تقريبا احد عشر ريالا وبعد ان يتم المهر يقوم العريس بتأمين منزل متواضع قد يكون غرفة او عريشا ويتم نقل الزوجة إليه في حفل زفاف متأخر يسمى الرواح. ويتم طبخ الموائد في منزل ابو العروس كعشاء مثلا ومن ثم تكون الحفلة الرئيسية في منزل العريس وقد تستمر الحفلة ثلاثة ايام يحيها الشعراء نهار ا ويحيها السمار ليلا فتيانا وفتيات فيما يعرف بالاعب وله فنون كثيرة لايسعني ذكرها هنا ومن ثم تعود العروس لاحضار العفش الذي لا يتجاوز ما يسمى بالمعدل والمصليه والطبايق والمصارف والجون والمهجان وكلها ادوات مصنوعة من ما يعرف بالطفي وهو سعف شجرة تعرف بالدوم ويعرف ثمرها بالبهش وهي تكثر في وادي قصي وضهاية وهذه الاشياء تصنعها قريبات العروس من اخت وام وخالة وقد تصطحب معها بعض الاوني المصنوعة من الجلد مثل الاديم والشكوة والداوة والغرب واشياء اخرى كالدبية او الحكرة وغيرها مما لايسعني ذكره هنا. اما الأن تعال وانظر الى التعقيد المقصود الموافقة لا تتم الا بعد شق الانفس وبعد الموافقة هنالك عملية اسمحوا لي ان اسميها سلب العريس حيث يتم تجريد العريس من كل ما يملك قبل ان يتم العرس الذي يشترط له في بعض الاحيان قصر افراح من قلة الخبوت عندنا ويكون الاثاث من انواع معينة ويكون الأختيار عن طريق الأقارب في بعض الاحيان.
* الختان:
كان الختان عندنا منتشرا بين الذكور والأناث وكان الختان في الذكور يخضع لطقوس معينة وكان الختان يعتمد على صلخ الرجل من السرة الى لى منتصف الفخذ احيانا مما يطيل امد المعاناة وقد يتوفى الكثير بسبب هذه العادات ويقوم المختون او ما يسمى بالدرم بأنشاء ما يسمى بالقاف هو قصيدة طويلة يلقيها اثناء المجزرة وقد ينظمها بنفسه او يكتبها له شاعر مجيد وكان من كتاب هذه الاقواف الشاعرين جبران عاصي واخوه شريف .
واذا ارتبك او اغمي عليه من كثرة النزيف او من شدة الألم يعتبر جبانا ويعيش في ذل حتى يومه الأخير قد لا ترضى الفتيات الزوج به وقد يعتبره اهله مجلبة للعار ويتم هذا السلخ في محفل كبير تحضره النساء ويحضره الرجال وقد اختفى هذا النوع من الختان القديم على يد مجدد يد عى على امشهير او راعي قرية امشهير وهي بيت من الطراز القديم اي القرية كما يسميه السكان وهي موجودة في جبل صماد وكان هذا المجدد قد اختتن بنفس الطريقة اي من السرة الى منتصف الفخذ حيث خشي اذا نهاهم عنه من قبل ذلك ان يتهم بالجبن لذالك جارهم ونهاهم بعدها واستمر الختان بنفس الطقوس ما عدى انه العملية نفسها خضعت للختان السني بسبب ذالك المجدد وكانت تقام حفلات كبيرةتستمر لأيام عدة يحيها الشعراء والسمار كما ذكرت اما ختان الفتيات فقد كان امرا خاصا تلاشى مع الزمن حيث ان بعض النساء يقمن بذلك في منتهى السرية ولكن انقرض منذو زمن بعيد وكان العلاج في حالات الختان محليا بأشجار مثل الغلف والسلع الا ان استخدام السلع يكون في حالات التسمم فقط لانه مادة حارقة. اما اليوم فقد صار الختان ميسرا بفضل ما نعيشه من تقدم ورقي في كل المجالات الثقافية والصحية والأقتصادية والعلمية.
* التكافل الاجتماعي:
اما التكافل الاجتماعي فكان في الماضي امتن واقوى مما هو عليه الأن حيث ان الأسر كانت تتعاون فيما بينها فلو ان اسرة مرض عائلها او جميع افرادها تقوم الأسر المجاورة بالقدوم جميعا النساء في الطبخ والنفخ ورعاية المواشي والرجال في الحطب وجلب الماء وحراثة الارض والنصيد او الحصيد لتقريب المعنى والصريب والخباط والمذاح والطياب وغيرها ، وكان هناك ما يعرف بالعانة وهي اعانة بعضهم لبعض حيث تتم هذه العملية بناء على طلب احد السكان من افراد مجتمعه مساعدته على قضاء امر ما فيلبون جميعا ويكون ذلك غالبا في حمل الأخشاب الظخمة لهدف البناء او في رد مايسمى بالخرام خاصة اذا كانت في مدرج مزروع باللبن والموز كما ويكون ايضا في لم المحصول وكانوا يتقارضون الحبوب ويساعد بعضهم بعضا في كل المجالات اما اليوم اذا حضرت الى احد افراد جماعتك تطلب منه مبلغا لضائقة مالية فرح بك لأنه يريد ان يستغلك حيث سيعرض عليك مكيفا او سلعة يبيعها عليك بضعف قيمتها لتبيعها بربع القيمة لتزيد ضيقك ضيقا هذا هو التكافل في زمننا الحاضر.
* الملاهي واللعب:
كان المخرج الترويحي للسكان فيما مضى يكمن بشكل اساسي فيما يعرف باللعب وهو فن شعبي يقوم بأداءه الفتيان والفتيات لتخلص من عناء يوم كامل من الجهد والتعب وله انواع عدة ويعتمد بشكل اساسي على الاهازيج الغزلية والألحان التي تعبر عن التعب والمعاناة وفرق الحبيب وصد الحبيب وغيرها كثير ، كما أن هناك لعبات بدنية كالمقامرة ليس القمار بل لعبة تعتمد على الحجارة وقذفها لحجارة منصوبه بالعربي كلعبة البولنج مع اختلاف بسيط كما هناك لعبة المخاطفة وما في اجواف الشاه وغيرها لا يتسع المقام لذكرها.
* الملامح التراثية:
توجد قرية في منطقة الصدر في مصيدة وهي مبنية بطريقة متقنة جدا ومما لاحظته عليها ان الخشب الذي سقفة به مطلي بمادة مضادة لتآكل الخشب على ما بدا لي لأن البيت الدائري (القرية) قديم جدا وخشبه يرى كأنه وضع لتو كما لفت انتباهي القبرين الموجودين تحت القرية بقليل حيث انهما متلصقين ومغطين بطبقة كثيفة من الرخام التقليدي(النور) وعليهما رسمة لثعبان مرصعة بها واجهة القبر بفن هندسي غاية في الإعجاب والروعة والمكان يسمى الخطوة على ما اعتقد ولست بمتاكد من الاسم ، اما في صماد فيوجد قبر سيار وهو مزخرف بالمرو بطريقة غريبة عجيبة وغيرها كثير في بلغازي كما ان سوق عيبان يعتبر من اقدم الأسواق في منطقة جازان.
|