بَابُ وُجُوبِ الْحَجِّ عَلَى الْمَعْضُوبِ إذَا أَمْكَنَتْهُ الِاسْتِنَابَة
وَعَن الْمَيِّتِ إذَا كَانَ قَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ
1793- عَن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: أَنَّ امْرَأَةً مِنْ خَثْعَمَ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّ أَبِي أَدْرَكَتْهُ فَرِيضَةُ اللَّهِ فِي الْحَجِّ شَيْخًا كَبِيرًا لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَسْتَوِيَ عَلَى ظَهْرِ بَعِيرِهِ، قَالَ: فَحُجِّي عَنْهُ رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ.
1794- وَعَنْ عَلِيٍّ : أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ جَاءَتْهُ امْرَأَةٌ شَابَّةٌ مِنْ خَثْعَمَ فَقَالَتْ: إنَّ أَبِي كَبِيرٌ، وَقَدْ أَفْنَدَ، وَأَدْرَكَتْهُ فَرِيضَةُ اللَّهِ فِي الْحَجِّ وَلَا يَسْتَطِيعُ أَدَاءَهَا، فَيَجْزِي عَنْهُ أَنْ أُؤَدِّيَهَا عَنْهُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: نَعَمْ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.
1795- وَعَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ رضي الله عنهما قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنْ خَثْعَمَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: إنَّ أَبِي أَدْرَكَهُ الْإِسْلَامُ وَهُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ لَا يَسْتَطِيعُ رُكُوبَ الرَّحْلِ، وَالْحَجُّ مَكْتُوبٌ عَلَيْهِ، أَفَأَحُجُّ عَنْهُ؟ قَالَ: أَنْتَ أَكْبَرُ وَلَدِهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ عَلَى أَبِيكَ دَيْنٌ فَقَضَيْتَهُ عَنْهُ، أَكَانَ يجْزِي ذَلِكَ عَنْهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَاحْجُجْ عَنْهُ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ بِمَعْنَاهُ.
الشيخ: وهذا يدل على وجوب الحجِّ على الشيخ الكبير والمعضوب إذا قدر من ماله؛ لأنه أقرَّهم على قسمة الفريضة والمكتوبة، فدلَّ على أنَّ من عجز عن الحجِّ بنفسه أنه يحج عنه غيرُه: كولده وغيره؛ لهذه الأحاديث، ولحديث أبي رزين العقيلي قال: يا رسول الله، إنَّ أبي شيخٌ كبيرٌ لا يستطيع الحجَّ ولا الظَّعن، قال: حُجَّ عن أبيك واعتمر، هذه كلها تدل على أنَّ العاجز يُحجُّ عنه إذا تيسر، إن كان له مالٌ من ماله، وإن تيسر أن يحج أولاده شُرع لهم ذلك، سواء كان شيخًا كبيرًا أو مريضًا لا يُرجى برؤه، أما إذا كان لا مالَ ولا ولدَ فلا شيء عليه، لكن إذا تيسر له الولدُ فالسنة لهم أن يحجُّوا عنه.
س: لو ترك الحجَّ تكاسُلًا؟
ج: ولو، يُحجُّ عنه، يأثم ويُحجُّ عنه من ماله إن كان عنده مال.
1796- وَعَن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: أَنَّ امْرَأَةً مِنْ جُهَيْنَةَ جَاءَتْ إلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَتْ: إنَّ أُمِّي نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ، فَلَمْ تَحُجَّ حَتَّى مَاتَتْ، أَفَأَحُجُّ عَنْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ، حُجِّي عَنْهَا، أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ، أَكُنْتِ قَاضِيَتَهُ؟ اقْضُوا اللَّهَ، فَاللَّهُ أَحَقُّ بِالْوَفَاءِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ بِمَعْنَاهُ.
وَفِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ وَالْبُخَارِيِّ بِنَحْوِ ذَلِكَ، وَفِيهَا قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ: إنَّ أُخْتِي نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ. وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ الْحَجِّ عَن الْمَيِّتِ مِنَ الْوَارِثِ وَغَيْرِهِ، حَيْثُ لَمْ يَسْتَفْصِلْهُ: أَوَارِثٌ هُوَ أَمْ لَا؟ وَشَبَّهَهُ بِالدَّيْنِ.
الشيخ: وهذا واضحٌ في وجوب حجّ النذر، إذا نذر حجًّا أو عمرةً وجب الوفاء، فإن كان حيًّا أوفى، وإن مات أُدِّي عنه كالدَّين، يحجّ عنه ولده أو غيره، أو يُخرج من ماله مَن يحجّ عنه.
1797- وَعَن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ ﷺ رَجُلٌ فَقَالَ: إنَّ أَبِي مَاتَ وَعَلَيْهِ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ، أَفَأَحُجُّ عَنْهُ؟ قَالَ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ أَبَاكَ تَرَكَ دَيْنًا عَلَيْهِ أَقَضَيْتَهُ عَنْهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَاحْجُجْ عَنْ أَبِيكَ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ.
|